14‏/6‏/2011

مقدمة - قصة الكتاب



( مقدمة )

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وأصلي وأسلم على النبي الأمي الذي خُتمتْ ببحور علمه أنوارُ الرسالات .
أما بعد
قصة الكتاب
لقد تعرَّضتُ منذ سنوات لتدريس اللغة العربية وآدابها ، وكان اعتمادي في تدريسها على الكتب المقررة في وزارة التربية والتعليم أو الكتب الخارجية الشارحة لها ، وهي تقسِّم القواعد اللغوية والعصور الأدبية ودروس البلاغة على سنوات الدراسة ، ثم قدَّر الله أنْ أعمل في نفس المجال – التدريس – لغير الناطقين باللغة العربية ، وقد يهتم بعضهم بدراسة بعض هذه الفروع دون بعض ويحتاج بطبيعة الحال إلى كتاب متكامل في كل فرع , فبحثتُ كثيرا عن كتاب معاصر يعرض النحو بصورة بسيطة ملائمة لطلاب العلم والثقافة عامة , وغير الناطقين بالعربية خاصة , فلم أجد ما يسد الحاجة ويشفي الغليل .

وكان من أهم المشكلات التي وجدتُها :
أولا : أنَّ معظم الكتب تتناول النحو بشكل متخصص جدا , فيجب أن يكون الإنسان متقنا جدا لقواعد اللغة حتى يستطيع فهم هذه الكتب , ومن هذه الفئة كتب التراث ، حتى ما عُرف منها بالسهولة مثل : [ قطر الندى ] للعلامة ابن هشام الأنصاري .

ثانيا : عدم التدرج في عرض قواعد النحو العربي ، فمثلا تتحدث في درس أدوات الشرط التي تجزم المضارع فتسرد اثنتي عشرة أداة يشق على الطالب – خاصة غير العربي – حفظها كلها وتساوي بين الأدوات ( إنْ – ومَنْ – ومَا ) مثلا وهي الأكثر استخداما في اللغة وبين أدوات كـ ( أي – وإذ ما – وأيّان ) على قلة استخدامها , فتكون النتيجة ألا يعرف الطالب الأوائل ولا الأواخر ، أو ينشغل بحفظ القواعد على كثرتها عن التطبيق والاستخدام اللغوي لها .

ثالثا : حين حاول بعضهم حل المشكلة الثانية – كبر القاعدة – قام بتقطيع دروس النحو وتفريقها بشكل غير منتظم على جزأين أو ثلاثة ، ففقد بذلك وحدة الموضوع , وأتعب من يريد شرح درس متكامل لطالب متقدم – أو دراسة طالب له – في البحث بين فهارس الكتاب ليلملم أجزاء الدرس المبعثرة هنا وهناك .

رابعا : عدم الربط بين النحو واللغة أو القاعدة والدلالة والاستخدام اللغوي فأدى ذلك إلى جعل دراسة النحو تعتمد فقط على حفظ قواعد صماء ومحاولة التطبيق عليها فشقَّ على الطالب الفهم وعلى المدرس الشرح حتى اشتهر النحو – وهو من أسهل علوم العربية – بالغموض والتعقيد ، وأصبح الناس إما متخصص فيه أو جاهل به زاهد فيه ، ومن المعروف عند علماء النفس أنَّ المرء عدو ما يجهل .

كتاب قصة النحو
 فرأيتُ – لهذه الأسباب – أن أؤلف كتابا بسيطا يعرض النحو العربي بشكل متكامل ويراعي التدرج بالمستوي وبلورة هذا العلم العظيم  بشكل يسهّل دراسته لكل طالب للعلم أو محب للثقافة ، ورأيت لتحقيق هذا الهدف أنْ يكون في ثلاثة أجزاء يمثل كل جزء منها مستوى كاملا .

الجزء الأول :
في التعريف بعلم النحو والشكل العام له وقواعده الأساسية والأولية ، والاهتمام بالرؤية الشاملة الواضحة المبلوَرة لهذا العلم , فيعرف بناء النحو الشامل وأعمدته وتقسيماته وتفريعاته الأساسية أيضا , فلا يضل في جنباته طالب علم ولا يغرق في بحاره محب معرفة ، وهو يُيَسّر – بإذن الله –  لمن يدرسه إمكانية فَهم وإعراب معظم القرآن الكريم وتقريبا كل الكتابات المعاصرة .

الجزء الثاني :
في الدروس المكملة للدروس الأولى - التي في الجزء الأول - فإذا اعتبرنا أنَّ الجزء الأول وضع الأسس ورفع أعمدة بناء النحو الشامخ  وتقسيماته الداخلية بفضل الله فهذا الجزء لتكملة البناء وإعطائه شكله النهائي ، وأحسب أنَّه سيكون أسهل في الفهم – لمن درس الكتاب الأول – لأنه يسير على نفس البناء يكمل القواعد ويعمق الفهم .

الجزء الثالث :
في القضايا الخفية للنحو – لمن يريد التميّز أو التعمق أو التخصص في هذا العلم – والذي يصل بدارسه إلى درجة الاحتراف – بإذن الله –  ويجعله قادرا على فهم النحو الفلسفي والتعامل مع كتب التراث لأئمة هذا العلم كابن هشام أو ابن عقيل أو غيرهما .

وقد اعتمدت في كتابة هذا الكتاب على أسلوب الحوار والمناقشة مع طالب وهمي استوحيتُ روحه من أحد طلبتي الأذكياء وهو طالب أمريكي سمى نفسه عبد الصبور جاء ليطلب العلم في مصر ، ووضعت في آخر كل درس رسما توضيحيا يلخص هذا الدرس ويوضح جزء من خريطة النحو الكاملة والتي تتضح كاملة بجمع هذه الأشكال معا , ووضعتُ معظم التدريبات من القرآن الكريم , ليس فقط  التماسا لبركته ، ولكن أيضا لترى أيها الطالب الكريم استخدام ما درستَ من قواعد في أرقى مستويات الاستخدام اللغوي , آملا أن تكون هذه التدريبات أولية فقط , وتستطيع أن تمارس إعراب ما درستَ في كل كتاب تقرؤه

وأخيرا أرجوا الله أن ينفع بهذا الكتاب قارءه ، ويفيض به جزيل الثواب على كاتبه ، وأن يكون سدا لثغرة من ثغرات الإسلام ، وإضافة متميزة للمكتبة العربية العامرة وخدمة للغة القرآن الخالدة , فهو ولي ذلك والقادر عليه .

هناك 4 تعليقات:

  1. ياأستاذنا : ما إعراب كلمة ( أنوار ) في المقدمة " خُتمتْ ببحور علمه أنوارَ الرسالات " ؟

    ردحذف
  2. نائب فاعل مرفوع , جزاك الله خيرا حبيبي على الملاحظة , لقد قمت بتصحيح الخطأ وأرجوا إرسال أي ملاحظات تراها , رحم الله رجلا أهدى إلى عيوبي

    ردحذف
  3. والله جميل ربنا يجعله فى ميزان حسناتك يا استاذ عبد المنعم

    ردحذف
  4. جزاك الله كل خير استاذ عبد المنعم جعله الله في ميزان حسناتك

    ردحذف